«نقسم الخبز على الأيام».. سكان غزة يختنقون جوعاً جراء حرب أنهكت البشر والحجر

«نقسم الخبز على الأيام».. سكان غزة يختنقون جوعاً جراء حرب أنهكت البشر والحجر
فلسطينيون يتزاحمون للحصول على مساعدات غذائية خيرية- أرشيف

في قلب قطاع غزة، حيث العدوان الإسرائيلي المستمر والحرب التي أنهكت البشر والحجر، وحيث الأفق مسدود أمام أبسط مقومات الحياة، بات الخبز أمنية بعيدة المنال.

تجلس أم محمد عيسى، على الأرض في مخيم النصيرات، تعجن الطحين القليل المتبقي بعزيمة لا تنكسر، تقول بألم: "لم يعد يدخل شيء إلى غزة.. لا غاز، لا طحين، ولا حتى حطب"، بحسب فرانس برس.

الخبز أغلى من الذهب

مع اشتداد الحصار منذ الثاني من مارس، أغلقت إسرائيل المعابر تماماً، ومنعت دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، متهمة حماس بالاستيلاء عليها خلال الهدنة السابقة، ومنذ منتصف الشهر نفسه، عادت العمليات العسكرية لتفاقم الوضع المأساوي، تاركة نحو 2.4 مليون نسمة في مواجهة الجوع دون غذاء أو دواء.

لم يجد المتطوعون وسيلة لإعداد الخبز سوى حرق الكرتون، في ظل انعدام الحطب والوقود، تقول أم محمد: "المجاعة تطرق الأبواب، اقتربنا من لحظة لن نستطيع فيها إطعام أطفالنا"، تحذيرات منظمات الإغاثة الدولية عن مجاعة وشيكة، لم تعد مجرد سيناريو بل واقع يعيشه الناس كل يوم.

توقف الأفران

في مشهد يتكرر كل صباح، اصطف المواطنون في طوابير أمام الأفران القليلة التي لا تزال تعمل، على أمل نيل بضعة أرغفة، لكن حتى هذه الأفران بدأت تتوقف تباعاً مع نفاد مكونات الخبز، حتى المخابز الكبرى التي كانت تغذي برامج الأغذية العالمية، توقفت عن العمل.

منظمة "المطبخ المركزي العالمي" أكدت عبر منصة "إكس" أن "الخبز ثمين جداً، وغالبًا ما يحل محل الوجبات اليومية".

اضطر بكر ديب، النازح من بيت لاهيا، إلى بناء فرن طيني في غزة ليخبز فيه ويبيع الخبز لعائلته والجيران. لكن الطحين نفسه بات نادراً، ما زاد من أزمة الخبز.

فداء أبو عميرة اعتقدت أنها أنقذت عائلتها حين اشترت كيس طحين بـ100 دولار في مخيم الشاطئ، لكن الطحين كان فاسداً ومليئاً بالديدان، "كان طعمه مقززاً"، تقول بأسى، قبل الحرب، لم يكن ثمن الكيس يتجاوز 11 دولاراً.

نموت من الجوع

تقول تسنيم أبو مطر، وهي أم من غزة: "نحسب ونقيس كل ما يأكله أطفالنا، ونقسم الخبز ليكفي لأيام... يكفي! لقد وصلت القلوب الحناجر".

يتنقل سكان غزة بين الأنقاض أو يمشون كيلومترات على أقدامهم، باحثين عن المساعدات، تشير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 250 مركز إيواء في غزة لم يحصل على أي طعام الشهر الماضي أو حصل على كميات لا تكفي.

اتهامات باستخدام "التجويع كسلاح"

تتهم حركة حماس إسرائيل باستخدام الجوع سلاحًا ضد سكان غزة منذ هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، والذي أشعل الحرب المتواصلة.

ورغم ما أبداه السكان من قدرة مدهشة على التكيّف، يقول كثيرون إنهم يشعرون وكأن هذه الحرب تعيدهم إلى قرون مضت، فمن يملك رغيفاً في غزة اليوم، يملك الحياة.

يذكر أن إسرائيل استأنفت في 18 مارس الماضي عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، منهيةً بذلك هدنة هشة استمرت نحو شهرين كانت قد بدأت في يناير الماضي بوساطة مصرية قطرية أمريكية، ونفذت سلسلة غارات جوية مكثفة وأحزمة نارية على عدة مناطق في القطاع مع إحكام الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية.

أسفرت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة منذ أحداث السابع من أكتوبر لعام 2023 عن استشهاد أكثر من 51 ألف شخص وإصابة أكثر من 116 ألفًا، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقًا لبيانات وزارة الصحة في غزة، والتي تعدها الأمم المتحدة موثوقة وسط أزمة واحتياجات إنسانية هائلة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية